الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مجمع الأمثال **
3624- لاَ دَرَيْتَ وَلاَ ائْتَلَيْتَ قَالَ الفراء: ائتليت افْتَعَلْتَ من ألَوْت إذا قصرت، فتقول: لاَ دريت ولاَ قَصَّرْتَ في الطلب ليكون أشقى لك، وأنشد لأمرىء القيس: وَمَا المرءُ مَا دَامَتَ حُشَاشَةُ نَفْسِهِ * بِمُدرِكِ أطْرَافِ الخُطُوبِ وَلاَ آلى 3625- لاَ تُعَلِّمِ اليتيمَ البُكَاءَ أولَ مَنْ قَالَ ذَلكَ زُهَير بِن جَنَاب الكلبي وكانَ منْ حَديثَهُ أنَ عَلْقَمة بن جِذْل الطِّعَان بن فِرَاس بن غَنم بن ثعلبة أغار على بنى عبد الله بن كنانة بن بكر وهم بُعْسفَانَ، فقَتل عبد الله بِن هبل عبيدَةَ بِن هُبل ومالكَ بِن عُبَيدة وصَرِيم بن قيس بن هُبَل، وأسَرَ مالك بن عبد الَله بن هُبل، فلما أصيبوا وأفْلَتَ من أفْلَت أقبلت جارية من بنى عبد الله بن كنانة فَقَالَت لزهير ولمْ تَشهد الوقعة: يا عماه، ما تَرَى فَعَلَ أبى؟ قَالَ: وعلى أي شيء كان أبوكِ قَالَت: على شَقَّاء نَقَّاء، طويلة الأنقاء، تَمَطَّق بالعرق، تَمَطَقَ الشيخ بالمرق، قَالَ: نجا أبوكِ؟ ثم أتته أخرى فَقَالَت: يا عماه وما ترى فَعَلَ أبى؟ قَالَ: وعلى أي شيء كان أبوكِ؟ قَالَتْ: على طويل بَطْنُها، قصيرٍ ظَهُرها،هاديها شَطْرها، يكُبُّها خَصْرُها، قَالَ: نجا أبوكِ، ثم أتتهُ بِنتُ مالك بن عُبيدة بن هُبَل فَقَالَت: يا عماه، وما ترى فَعَلَ أبى؟ قَالَ: وعلى أي شيء كان أبوكِ؟ قَالَتْ: على الكَزَّة الأَنُوح، التي يكفيها لَبَنُ الَّلقُوح، قَالَ: هَلكَ أبوكِ، قَالَ: فَبَكَت، فَقَالَ رجل: ما أسوأ بُكَاءها، فَقَالَ زهير: لاَ تُعَلِّم اليتيم البُكاء. 3626- لاَحُرَّ بِوَادِي عَوْفٍ هو عَوْف بن مُحَلِّم بن ذُهلِ بن شَيْبَان، وذلك أن بعض الملوك - وهو عمرو بن هند - طلب منه رَجُلاً، وهو مروان القَرِظِ، وكان قد أجارَه، فمنعه عوف وأبىَ أن يُسْلمه، فَقَالَ الملك: لاَ حُرَّ بوادي عَوْف، أي أنه يقهر مَنْ حَلَّ بواديه، فكلُ مَنْ فيه كالعبد له لطاعتهم إياه. وقَالَ بعضهم: إنما قيل ذلكَ لأنه كَانَ يَقْتُل الاَسارىَ، وقد ذكرت قصة مروان[ص 237] مع عوف في حرف الواو عند قولهم "أوْفَى من عَوْف بن محلِّمٍ" وقَالَ أبو عبيد: كان المفضل يخبر أن المثل للمنذر بن ماء السماء قَالَه في عوف بن محلِّمٍ، وذلك أن المُنذر كان يطلب زهير بن أمية الشيباني بذَحْل، فمَنَعَه عوف، فعندها قَالَ المنذر: لاَ حُرَّ بوادي عوف. وكان أبو عبيدة يقول: هو عَوْف بن كَعْب بن سَعْد بن زَيْد مَنَاة بن تميم. 3627- لاَ تَسْخَرَنَّ مِنْ شيء فَيَحُورَ بِكَ. أي يعود عليك، قَالَ عمرو بن شرحبيل: لو عَيَّرْتُ رجلاً بَرْضَاع الغنم لخشِيتُ أن أرضعها، وقوله "يحور" معناه يرجع، أي يَرجع بِكَ ما سَخِرْتَ منه فتبتلى به. 3628- لاَ يُرَحِّلَنَّ رَحْلَكَ مَنْ لَيْسَ مَعَكَ. أي لاَ تستعِنْ إلاَ بأهل ثِقَتِك، ويروى "لاَ يُرَحِّلُ رَحْلَكَ" على وجه النفي، أي لاَ يعينُكَ مَنْ لاَ يكون صَغْوه معك (صغوه - بالغين المعجمة - أي ميله، وفي أصول هذا الكتاب "صفوه" بالفاء، وما أحسبه إلاَ محرفاً عما أثبت.) 3629- لاَ تَبْرُكُ الإبل عَلَى هَذَا يضرب لما لاَ يُصْبر عَليه لشدته 3630- لاَ يَبَرُّكَ مِثْلُ مالك قَالَوا: هو اسم رَجُل مَرْغُوب في مَحَبته (وفي نسخة "مرغوب في صحبته") 3631- لاَحاءَ وَلاَ ساءَ أي لم يأمر ولم يَنْه، قَالَ أبو عمرو: يُقَال حاء بضأنك أي ادعُهَا، ويُقَال: سَأسَأْتُ بالحمار، إذا دعوته يشرب. يضرب للرجل إذا بلغ النهاية في السن 3632- لاَ بيَّ عَلَيْكَ وَلاَ هَيَّ أي لاَ بأسَ عليك. 3633- لاَ يَغُرَّنَّك شَمَطٌ بِهِ، دَبَّ شيْخٌ في الجحِيمِ. 3634- لاَ يَنْتَصِفُ حَليمٌ مِنْ جَهُولٍ لاَنَ الجهولَ يُرْبِى عليه، والحليم لاَ يَضَعُ نفسه لمسافهته. 3635- لاَ يَمْلِكُ حَائِنٌ دَمَهُ أي مَنْ حان حَيْنُه لاَ يقدر على حَقْن دمه 3636- لاَ يَقُومُ لَهَا إلاَ ابنُ أجْدَاهَا أي لاَ يقوم لدَفْع العظيمة إلاَ الرجل العظيم يضرب لمن يُغْنى غناءً عظيماً. كأنَهم قَالَوا: إلاَ كريم الأَباء والأمهات من الرجال والإبل، قَالَه أبو زيد. 3637- لاَ يَنْفَعُ حَذَرٌ مِنْ قَدَرٍ ويروى "لاَ ينفعك من رديء حَذَر".[ص 238] 3638- لاَ يَنْقُصُكَ مِنْ زَادٍ تَبَقٍّ التَبقي: الإبقاء. يَضرب في الحث على أكل ما يفسد إن أُبِقَىَ. 3639- لاَ يَعْدَمُ عائِشٌ وَصْلاَتٍ أي مادام للمرء أجَل فهو لاَ يَعْدَم ما يتوصل به. يَضرب للرجل يُرْمل مِنْ الزاد فيلقى آخر فينال منه ما يبلِّغُه أهله. 3640- لاَ تُمَازِح الشَّريفَ فَيْحْقِدَ عَلَيْكَ، ولاَ الدَّنيء فَيْجْتَرِئَ عَلَيْكَ. قَالَه سعيد بن العاص أخو عمرو. 3641- لاَ تَكْذِبَنَّ ولاَ تَشَبَّهَنَّ مِن التشبه، أي لاَ تكذب على غيرك ولاَ تَشَبَّهْ بالكاذب، ويروى ولاَ تُشَبِّهَنَّ مِن التَّشْبيه أي لاَ تَكذب ولاَ تُلَبِّسْ على غيرك بأن تكذبه، فيلتبس عليه الأمر. 3642- لاَ تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وتَأتَى مِثْلَهُ ينشد في هذا المعنى: إذا عِبْتَ أمْراً فَلاَ تَأتِهِ * فَذُو اللُّبِّ مُّجْتَنِبٌ مَا يَعِيب وقيل أيضاً: لاَ تَنْهً عَنْ خُلُقٍ وَتَأتِىَ مِثْلَهُ * عَارٌ عَلَيْكَ إذا فَعَلْتَ عَظِيمُ 3643- لاَ تُبْقِ إلاَ عَلى نَفْسِكَ أي أنَكَ إن أسْرفْتَ أسْرفَ عليك، ومعناه إن أبقيتَ على أحدٍ فما أبقيت إلاَ على نفسك. وقَالَ أبو عبيد: يُقَال للمتوعد "لاَ تُبْقِ إلاَ على نفسك" ومعناه اجْهَدْ جَهْدَكَ، فكأنهُ يَقول: لاَ تَعْطِفْ إلاَ على نفسك، فأما أنا فَافْعَلْ بي ما تَقدر عليه فلستُ ممن يبالي وَعيدَكَ وَتهديدكَ، ومثله "لاَ أبقى الله عَلَيْكَ إن أبْقَيْتَ علي" 3644- لاَ تَعْقِرْهَا لاَ أبا لَكَ إمَّا لَنَا وإمَّا لَكَ قَالَه مالك بن المُنْتَفق لِبِسْطَام بن قَيْس حين أغار على إبله فكان يَسُوقها، فإذا تفرقت طَعَنَهَا لتجمع وتُسْرع. 3645- لاَ تَظْعَنِي فَتَهَيِّجي القَوْمَ للظَّعْنِ يضرب لمن يًتَّبع فيما يَنْهَج. يعنى أنَكَ مَتْبُوع فلاَ تَفْعَلْ مالاَ يليقُ بكَ 3646- لاَ يُطَاعُ لِقَصيرٍ أمْرُهُ مضى ذكره في قصة الزباء في حرف الخاء 3637- لاَ يُلْبِثُ الغَويَّانِ الصَّرْمَةَ يريد بالغويِّ الذئبَ، أي إذا كانا اثنين أسْرَعَا في تمزيقها.[ص 239] يضرب لمن يُفْسد ماله وهو قليل. والصَّرْمَة: القِطْعة من الغنم أو الإبل القليلة، والتقدير: لاَ يلبث ولاَ يمهل الذئبان الغويان القطعةَ القليلةَ أن يُفرقاها ويُهْلكاها 3648- لاَ فَتىً إلاَ عَمْرُو بنُ تَقْنٍ قد ذكرت قصته مع لقمان عند قوله "إحدى حُظَيَّات لُقْمَان" 3649- لاَ أفْعَلُ كَذَا ما غبَا غُبَيْس قُلتُ: لم أجد في معنى هذا المثل ما يوافق لفظه، إلاَ ما حكاه اللحياني، قَالَ: يُقَال للظلام غبس وغُبَيْس أيضاً، ورأيت في أمالى الخوارزمى أن معنى غبا أظلم، والغبيس: من أسماء الليل، وقَالَ ابن الأَعرَبي: ما أدري ما أصله، وقالَ بعضهم: غبَيْس تَصْغير أغْبَسَ مرخما وهو الذئب، وغَبَا أصله غَبَّ فأبدل من أحد حرفي التضعيف الألف، مثل تَقَضَّي وتَظَنَّي في تَقَضَّضَ وتَظَنَّنَ، أي مادام الذئب يأتي الغنم غِبّاً، أنشد الأموي: وَفِى بَنى أمِّ زُبَيرٍ كَيْسُ * عَلى الطَّعَامِ ما غَبَا غُبَيْسُ أي فيهم كِياسة على بَذْل الطعام، يصفهم بالجود، وتكون "على" بمعنى في، وروى الأَزهَري عن ابن الأَعرَبي أن معناه ما بقى الدهر، هذا حكاية أقوالهم. وإذا صح ما قَالَه اللحياني فالأَوَّلى أن يحمل غُبَيْس على أنه الليل، ويحمل غَبَا على غَبىَ في لغة طئ فإنهم يقولون في بَقِيَ وَفَنِيَ: بَقَا وَفَنَا، ويصح أن يُقَال غَبِىَ الليلُ وإن كان صاحبه يَغْبَى، كما قَالَ أبو كبير: [مُبَطَّناً * سُهداً، إذا ما] نام ليل الهَوْجَلِ والغَبَاوَة: أن يَخْفَى الأمر على الرجل فلاَ يفطن له، وإبدال السين من الشين لاَ ينكر، نحو قولهم: جعسوس وجعشوش، وتسْميت العاطس، وتشميت العاطس. 3650- لاَ يَلدُ الوَقْبانِ إلاَ وَقِباً الوَقْبُ: الأحمق، هذا يتكلم به عند التشاتم (يضرب للرجل يوافق أبويه في الموق) 3651- لاَ مَحَالَةَ مِنْ جَلْزٍ بِعِلْبَاءٍ يضرب عند انقطاع الرجاء. أي صرتَ إلى الغاية القُصْوَى من الأمر قَالَه أبو عمرو. ويروى "لاَبُدَّ" والجَلْز: شدة عَصَب العَقَب على شيء، أي لاَبدَّ من النهوض في هذا الأمر، وقَالَ: ضَرَبْتُ بالسَّيْف حَتَّى ارْفَضَّ قَائِمُهُ * وَلاَ مَحَالَةَ مِنْ جَلْزٍ بِعلْبَاءٍ 3652- لاَ تُحْيِ البَيْضَ وتَقْتُلِ الفِرَاخَ أي لاَ تحفظ الصغير وتضيع الكبير. [ص 240] 3653- لاَ حَمَّ وَلاَ رَمَّ أن أفْعَلَ كَذَا أي لاَ بدَّ من ذلك. 3654- لاَ تَحْسُدِ الضَّبَّ عَلى مَا فِي جُحْرِهِ. أي لاَ تحسد فُلاَناً على ما رُزِق من خير. 3655- لاَ أُحِبُّ تَخْدِيشَ وَجْهِ الصّاحب قَالَ يونس: تزعم العربُ أن الثعلبَ رأي حَجَرا أبيض بين لِصْبَيْن (اللصبان: معنى لصب - بكسر اللام وسكون الصاد - وهو الشعب الصغير في الجبل) فأراد أن يَغْتَالَ به الأَسد، فأتاه ذاتَ يوم فَقَالَ: يا أبا الحارث، الغنيمة الباردة، شحمة رأيتها بينِ لصْبَين، فكرهت أن أدنو منها، وأحببت أن تولى ذلك أنت، فهلم لأريكها، قَالَ: فانطَلَقَ به حتى قام به عليه، فَقَالَ: دونَكَ يا أبا الحارث، فذهب الأَسد ليدخل فضاق به المكان، فَقَالَ له الثعلب: اردُسْ برأسك، أي ادفَعْ برأسك، قَالَ: فأقبل الأَسد يردس برأسه حتى نَشَبَ فلم يقدر أن يتقدم ولاَ أن يتأخر، ثم أقبل الثعلبُ يخورُه، أي يخدش خَوَرَانه (الخوران: مجرى الروث، ويُقَال: طعنه فخاره، إذا أصاب خورانه) من قُبُل دُبُره، فَقَالَ الأَسد: ما تصْنع يا ثُعَالة؟ قَالَ: أريد لاَستنقذك، قَالَ: فمن قبل الرأس إذن، فَقَالَ الثعلب: لاَ أحب تخديشَ وجه الصاحب. يضرب للرجل يُرِيكَ من نفسه النصيحة ثم يَغْدِر. 3656- لاَ تُدْرِهِ بِعِرْضِكِ فَيَلْذَمَ الإدراء: الإغراء، ولَذِمَ: لزم وضَرِيَ أي لاَ تجرِّئه فيجترئ عليك 3657- لاَ تَرَ العُكْلِىَّ إلاَ حَيْثُ يَسُوءُكَ يضرب لمن لاَ تزال تراه في أمر تكرهه 3658- لاَ يُسَاغُ طَعَامُكَ ياوَحْوَحُ يضرب عند كل معروف يكدر بالمنِّ، ووَحْوَح: اسمُ رجلٍ. 3659- وَلاَ جِنَّ بِالبَغْضَاء وَالنَّظَرِ الشَّزْرِ أي: لاَ يخفى نَظَرُ المبغض، ولاَ جِنَّ معناه لاَ خَفَاء، والبغضاء: البغض، والنظر الشزر: نَظَرُ الغضبان بمؤخر العينين، والشعر لأبى جَنْدَل الهُذَلى، وأوله: تحدِّثُنِى عَيْنَاكَ مالقَلْبُ كَاتِم 3660- لاَ إخَالُكَ بالعَبْدِ إذا قُلْتَ يَا أَخَاهُ يضرب لمن يَصَطَنع المعروفَ إلى مَنْ ليس له بأهل.[ص 241] وهذا كقولهم "ليس العبد بأخ لك" وقد ذكر. 3661- لاَ يَشْقَى بِقَعْقَاعٍ جَلِيس يُقَال: هذا القَعْقَاع بن عَمْرو، والصحيح قَعْقَاع بن شَوْر، وهو ممن جرى مَجْرى كعب بن مامة في حسن المُجَاورة، فضرب به المثل، وكان إذا جاوره رجلُ أو جالسه فعرفه بالقصد إليه جعل له نصيباً من ماله، وأعانه على عدوه، وشَفَع له في حاجته، وغدا إليه بعد ذلك شاكراً له فَقَالَ فيه الشاعر: وكُنْتُ جَلِيسَ قَعْقَاعِ بْنِ شَوْرٍ * وَلاَ يَشْقى بِقَعْقَاعٍ جَلِيسُ 3662- لاَ رَأْيَ لِمَنْ لاَ يُطُاعُ قَالَه أمير المؤمنين على بن أبى طالب رضي الله عنه في خطبته التي يعاتب فيها أصحابه 3663- لاَ حَيٌّ فَيُرَجَى وَلاَ مَيْتٌ فَيُنْسى مكتوبة قصته عند قوله "قد حِيلَ بين العَيْرِ والنَّزَوَان"(انظر المثل 2852- ورد هناك "لاَ ميت فينعى") من كلام صخر بن عمرو ابن الشَّرِيد في حرف القاف. 3664- لاَ يَذْهَبُ العُرْفُ بَيْنَ الله وَالَنَّاس العُرْفُ والمعروف: الإحسان. 3665- لاَ سَيْرُكَ سَيْرٌ ولاَ هَرْجُكَ هَرْجٌ الهَرْجُ: الحديثُ الذي لاَ يُدْرَى ما هو يضرب للذي يكثر الكلام، أي لاَ يحسن يَسِير ولاَ يحسن يتكلم. 3666- لاَ بُدَّ لِلْمَصْدُورِ أَنْ يَنْفُثَ المصدور: الذي يشتكى صَدْره، وهو يستريح ويشفى بالنَّفْثِ. 3667- لاَ زِيَالَ لَزِمَ الحَبْلُ العُنُقَ الزيال: المُزَايلة (الزيال والمزيلة: المفارقة) يضرب للشيء يلزم فلاَ يُرْجَى الخلاَصُ منه 3668- لاَ يَرْأَمُ بَوَّ الهَوَانِ أي لاَ ينقاد له، والرِّثْمَان: أن تَعْطِفَ الناقة على ولدها، والبو: جلْدُ حُوَارِ يُسْلِخُ فيُحْشَى، ويعلق عليها، فتظنه ولدها، فتدِرُّ عليه، والمعنى في المثل أنه لاَ يقبل الضَّيْمَ 3669- لاَ عَيْشَ لِمَنْ يُضَاجِعُ الخَوْفَ يضرب في مدح الأمن 3670- لاَ تُقْرَعُ لَهُ العَصَا، ولاَ تُقَلْقَلُ لَهُ الحَصَا يضرب للمُحَنَّكِ المُجَرِّبِ.[ص 242] 3671- لاَ أكُونُ كالضَّبُعِ تَسْمَعُ الَّلدْمَ فَتَخْرُجُ حتَّى تُصَادَ أي لاَ أغفل عما يجب التيقظ فيه، قَالَه أميرُ المؤمنين علي رضي الله عنه. 3672- لاَ تَأْمَنْ شَقِيّاً أُوحِشَتْ أَهْلُهُ 3673- لاَ يُخْدَعَ الأَعرَبي إلاَ وَاحِدَةً قَالَه أعرابي خُدِعَ مرة ثم سَئِمَ الخداع أخرى 3674- لاَ يَطْحَنُ بِكَ العِزُّ الفَطِيرُ (في نسخة "لاَ يطمح بك العز الفطير" يعنى أن العزَّ الحادثَ لاَ مُعَوَّلَ عليه 3675- لاَ أَصْلَ لَهُ وَلاَ فَضْلَ قَالَ الكسائي: الأصل: الحسب، والفصل: اللسان، يعنى النُّطْقَ 3676- لاَ تَزَالُ تَقْرِصُنِي مِنْكَ قَارِصَةٌ أي كلمة مُؤْذِية 3677- لاَ يُصَدَّقُ أَثَرُهُ يضرب للكاذب يعنى لاَ يُصدَّقُ أثر رحله؛ لأنه إذا كذب هو كَذَب أثره في الأَرض أيضاً مثله أي أنه إذا قيل له: من أين جئت؟ قَالَ: من ثَمَّ، وإنما جاء مِن ههنا 3678- لاَ أُمَّ لَكَ قَالَ أبو الهيثم: لاَ أم لك عندنا في مذهب ليس لك أم حُرَّة، وهذا هو الشتم الصحيح؛ لاَن بني الأماء عند العرب ليسوا بمحمودين ولاَ لاَحقين بما يلحق به غيرهم من أبناء الحرائر، فأما إذا قَالَ "لاَ أبا لك" فلم يترك له من الشَّتيمة شيئا، حكي جميعَ هذا عن أبى سعيد الضرير. 3679- لاَ خَيْرَ فِي رَزَمَةٍ لاَ دِرَّة مَعَهَا الرَّزَمَةَ: صوتُ حنينِ الناقة، والفعل أرْزَمِتْ تُرْزْم إرْزَاماً، والدِّرَّة: اللبن، أي لاَ خَيْرَ في قول لاَ فعلَ معه. 3680- لاَ يُثَنِّى ولاَ يُثَلِّثُ أي هذا رجل كبير أراد النهوضَ فلم يقدر في أول مرة ولاَ في الثانية ولاَ في الثالثة 3681- لاَ تَرَكَ الله لَهُ فِي الأَرض مَقْعِداً، ولاَ فِي السَّمَاء مَصْعَدَاً قَالَته امرأة دَعَتْ على ولدها 3682- لاَ يَصْلُحُ رَفِيْقَاً مَنْ لَمْ يَبْتَلِعْ رِيقَاً يضرب لمن يَكْظِمْ الغَيْظَ ونصب "رفيقاً" على الحال، وأراد بالريق ريقَ الغَضب.[ص 243] 3683- لاَ تَشْرِينَّ مَشْرَى صَفْوٍ يُكَدَّرُ يُقَال "شَرَى" إذا باع، و "شَرَى"إذا اشترى، ومنه قوله تعالى يضرب لمن يستبدل خبراً بشر 3684- لاَ بلاَدَ لِمَنْ لاَ تِلاَدَ لَهُ أي لاَ يَسْمَعُ فقيراً مكانٌ ولاَ تحمله أرض لذلته وقلته في أعين الناس، ويجوز أن يكون المعنى لاَ يقدر الفقيرُ أن يقيمَ ببلاَده وأرضِه لفقره، بل يحتاج أن يَرْحَلَ عنها، كما قيل: وَتَرْمِي النَّوَى بالمُقْترِينَ الْمَرَامِيَا 3685- لاَ مَالَ لِمَنْ لاَ رِفْقَ لَهُ يعني أن المال يكسبه الرِّفق لاَ الخرق 3686- لاَ جَعَلَ الله فيهِ آمَرَةً أي بَرَكة ونماء، وهذا كما يُقَال: تعرف في وجه المال أََمَرَته، ويروى "أَمْرَتَه" بسكون الميم، أي زيادته، من قولهم: أمِرَ مال فلاَن، إذا كَثُر. 3687- لاَغَرْو وَلاَ هَيْمَ يضرب للأمر إذا أشكل، قَالَ: أََعييَتني كُلَّ الْعَيَا * ءِ فَلاَ أُغَرُّ وَلاَ أَهِيمْ 3688- لاَ تَظْلِمَنَّ وَضَحَ الْطَريق يضرب في التحذير لمن ترك الطريق الواضِح إلى المبهم. وظُلْمه: وضعه السير في غير موضعه 3689- لاَ تَلْبِسَنَّ بِيَقِينٍ شَكّاً أي لاَ تَخْلِطَنَّ بِما أَيقَنْته شكا فيضعف رأيك وعزيمتك 3690- لاَ يُوجَدُ العَجُولَ مَحْمُودَاً روى ثعلب عن ابن الأَعرَبي قَالَ: كان يُقَال: لاَ يوجد العجول محموداً، ولاَ الغضوب مسروراً، ولاَ الغضوب مسروراً، ولاَ الملول ذا إخوان، ولاَ الحر حريصاً، ولاَ الشره غنياً 3691- لاَ تَبْعَثِ المُهْرَ علَى وَجَاهُ يُقَال: وَجِىَ الفرسُ يَوْجَى وَجًى، إذا حَفِى، وهو للفرس بمنزلة النقب للبعير. يضرب لمن يوجه في أمره مَنْ يكرهه أو به ضعف عنه 3692- لاَعَبَابَ وَلاَ أَبابَ يُقَال: إن الظّباء إذا أصابت الماء لم تعبَّ فيه، وإن لم تصبه لم تأُببْ لهُ، أي لم تتهيأ لطلبه، يُقَال: أبَّ يَئِبُّ أباًّ وأَباَباً، إذا قصد وتهيأ كما قَالَ: أخٌ قد طَوَى كَشْحاً وأَبَّ لِيَذْهَبَا (عجز بيت للأعشى، وصدره: صرمت، ولم أصرمكم، وكصارم) [ص 244] قَالَوا: وليس شيء من الوحوش من الظباء والنعام والبقر يطلب الماء إلاَ أن يرى الماء قريباً منه فيَرِدَه وإن تباعد عنه لم يطلبه ولم يرده كما يرده الحمير. يضرب للرجل يُعْرِضُ عن الشيء استغناء. 3693- لاَ يُحْسْنُ العَبْدُ الكَرَّ إلاَ الحَلْبَ والصَّرَّ يُقَال : إن شَدَّاداً العيسيِّ قَالَ لاَبنه عنترة في يوم لقاء ورآه يتقاعَسُ عن الحرب وقد حَمِيتْ فقال : كر عَنْتَر، فَقَالَ عنترة: لاَ يُحْسِنُ العبدُ الكَرَّ إلاَ الحلب والصَّرَّ، وكانت أمه حَبَشية، فكان أبوه كأنه يستخفّ به لذلك، فلما قَالَ عنترة لاَ يحسن العبد الكر قَالَ له:كر وقد زوجتك عَبْلَة، فكرّ وأبْلَى، ووَفى له أبوه بذلك فزوجه عبلة، والصًّرُّ: شد الصِّرَار وهو خيط يشد فوق الخِلْفِ والتَّوْدِية (الخلف للناقة كالثدي للمرأة، والتودية: خشبة تشد على خلف الناقة إذا صرت، وجمعه توادى.) لئلاَ يرضعَ الفيصلُ أمه، ونصب الحلب على أنه استثناء منقطع كأنه قال: لا يحسن العبدُ الكرَّ لكن الحلب والصر يحسنهما. يضرب لمن يكلَّف مالاَ يطيق 3694- لاَ أُعَلِّقُ الجُلْجُلَ مِنْ عُنُقي أي: لاَ أشهر نفسي ولاَ أخاطر بها بين القوم، قَالَ أبو النجم يصف فحلاَ: يُرْعِدُ إذْ يَرْعُدُ قَلْبُ الأعزلِ * إلاَ امْرَأ يَعْقُدُ خَيْطَ الجُلْجُلِ قيل في معنى هذا البيت: إنه كان في بني عجْلٍ رجل يحمَّقُ وكان الأَسد يَغْشَى بيوت بنى عجل فيفترس منهم الناقة بعد الناقة والبعيرَ بعد البعير فَقَالَت بنو عجل: كيف لنا بهذا الأَسد فقد أضَرَّ بأموالنا؟ فَقَالَ الذي كان يحمق فيهم: عَلَّقوا في هذا عُنُقِ هذا الأَسد جُلْجُلاَ، فإذا جاء على غفلةٍ منكم وغِرَّةٍ تحرك الجلجل في عُنقه فنذرتُمْ به، فضر به أبو النجم مثلاً، فَقَالَ: يرعد مِنْ فرق هذا الفحل مَنْ رآه من هَوْلِهِ وإبعاده إلاَ من كان بمنزلة هذا الأحمق فإنه لاَ يخافه لعدم عقله. 3695- لاَ تُهْدِي إلى حَمَاتِكِ الكَتِفِ يضرب لمن يُباسط إخوانَهُ بالحقير الرديء. وأصله أَن امرأة وصَّتْ بنتها فَقَالَت: لاَ تهدي إلى حماتك الكتفَ، فإن الماء يجرى بين ألَلَيْها قَالَ أبو عبد الله: الأللانِ هما اللحمتان المطارقتان من على يمين البعير ويساره، وقَالَ أبو الهيثم: لاَن بينهما رَجْرَجَةً أي ماء غليظاً.[ص 245] 3696- لاَ تَرْكَبَنَّ مِنْ بَنَانٍ نَيْسَبَاً بنان: اسم أرضٍ، والنيسب: الطريق يضرب في النهي عن ارتكاب الباطل وإن جَرَّ إليك منفعةً. 3697- لاَ تُطِلِ الذَّيْلَ فَقَدْ أَجَدَّ الحَضِرُ يضرب للمتأني وقد جدَّ الأمر واحتاج إلى العَجَلَة. 3698- لاَ تَشِم الغَيْثَ فَقَدْ أَوْدَى النَّقَدُ أودى: هلك، والنَّقَدُ: صغار الغنم. يضرب لمن حَزِنَ على ما فات. 3699- لاَ حَجْرَةً أَمْشِى ولاَ حَوْطَ القَصَا الحَجْرَة: الناحية، والقَصَا: البعد، يُقَال: قَصَا فُلاَنٌ عن جِوَارنا يَقْصِى قَصَاً، أي بعُد، قَالَ بشر: فَحَاطُونا القَصَا وَلَقَدْ رَأوْنَا * قَرِيباً حَيْثُ يُسْتَمَعُ السِّرَارُ والتقدير: لاَ أمشى حَجْرة أي في حَجْرة ولاَ أحُوطَك حَوْطَ القَصَا، أي لاَ أتباعد عنك. يضرب لمن يتهددك فتقول له: هاأنا ذا لاَ أتباعد ولاَ أتنحَّى عنك فَهَلُم إلى مبارزتى ومقارعتى. 3700- لاَ غَزْوَ إلاَ التَّعْقِيبُ يُقَال: عَقَبَ الرجلُ، وهو أن يغزو مرة ثم يثنى من سَنَتِهِ، قَالَ طُفَيل يصف الخيل: طِوَالُ الهَوَادِى وَالمُتُونُ صَليبة * مَغَاويرُ فِيهَا للأريبِ مُعَقَّبُ وأول من قَالَ ذلك حُجْر بن الحارث بن عمرو آكل المُرَار، وذلك أن الحارث بن مَنْدَلَةَ ملك الشام - وكان من ملوك سَلِحٍ، من ملوك الضَّجاعم، وهو الذي ذكره مالك بن جُوَيْنٍ الطائي في شعره فَقَالَ: هُنَالِكَ لاَ أُعْطِى رَئِيساً مَقَادَةً * وَلاَ مَلِكاً حتَّى يَؤُبَ ابنُ مَنْدَلَه وكانَ قدْ أَغارَ على أرض نجد، وهى أرض حجر بن الحارث هذا، وذلك على عهد بَهْرَام جور، وكان بها أهل جُحْر، فوجد القومَ خُلُوفا، ووجد حُجْراً قد غَزَا أهلَ نَجْرَان، فاستاق ابنُ مَنْدَلة مالَ حُجْرٍ، وأخذ امرأته هندَ الهنود، ووقع بها فأعجبها، وكان آكلُ المُرَار شيخاً كبيراً، وابنُ مندلة شابا جميلاَ، فَقَالَت له: النَّجَاءَ النجاء فإن وَرَاءك طالبا حثيثاً، وجمعاً كثيراً، ورأياً صليباً، وحزماً وكيداً، فخرج ابنُ مندلة [ص 246] مُغِذاً إلى الشام، وجعل يقسم المِرْبَاعَ نهاره أجمع، فإذا كانَ الليل أسْرِجَتْ له السُّرُجُ يقسم عليها، فلما رجع حُجْر وجَدَ ماله قد اسْتِيقَ، ووجد هنداً قد أخِذَتْ، فَقَالَ: مَنْ أغار عليكم؟ قَالَوا: ابن مَنْدلة، قَالَ: مذكم؟ فَقَالَوا: مذ ثماني ليال، فَقَالَ حُجْر: ثمان في ثمان، لاَ غَزْوَ إلاَ التعقيب، فأرسلها مثلاً، يعنى غزوةَ الأَوَّل والثاني. قُلتُ: قوله "ثمانٍ في ثمانٍ" يعنى ثمان لِيالي أدخلت في ثمانٍ أخرى؛ إذ كانت غزوة نَجْرَان كذا، فقرنت بمثلها من هذا الغزو الآخر، أو أراد ثمانٍ ليال في أثرِ ثمان ليال، يعنى أنه سبقه بثمانِ ليالٍ حين أغار على قومه وسيلحقه في ثمانِ ليال. ثم أقبل مُجِداً في طلب ابن مَنْدَلة حتى دفع إلى وادٍ دون منزل ابن مندلة، فكَمَنَ فيهِ، وبعث سَدُوسَ بن شيبان بن ذُهل بن ثَعْلبة، وكان من مَنَاكير العرب، فَقَالَ له حُجر: اذهَبْ متنكراً إلى القوم حتى تعلم لنا عِلْمَهم، فانطلق سدوس حتى انتهى إلى ابن مَنْدلَة وقد نزل في سَفْح الجبل، وأقد ناراً وأقبل يَقْسم المِرْبَاع، ونثر تمراً، وقَالَ: مَنْ جاء بِحُزْمَة حطبٍ، فذهب سدوسُ فأتى بحُزمة حطب وألقاها على النارِ، وأخذَ قَبْضَةً من تمر فألقاها في كِنانته، وجلس مع القوم يستمع إلى ما يقولون، وهند خَلْفَ ابن مندلة تحدثه، فَقَالَ ابن مندلة: يا هند ما ظنك الآن بحُجر؟ قَالَت: أراه ضارباً بجوشنه على واسطة رحله وهو يقول: سِيرُوا سِيرُوا لاَ غَزْوَ إلاَ التعقيب، وذلك مثل ما قَالَ زوجها سواء، ثم قَالَت هند لاَبن مندلة: والله ما نام حُجْر قطٌ إلاَ وعُضْو منه حي، قَالَ ابن مندلة: وما علمك بذلك؟ وانتهَرها قَالَت: بلى كنت له فارِكاً فبينما هو ذات يوم في منزل له قد أخرج إليه رابعاً، فضربت له قبة من قبابه، ثم أمر بُجُزرٍ فنُحِرَتْ وبشاءٍ فذبحت، فصنع ذلك، ثم أرسل للناس فدعاهم فأطعمهم، فلما طعموا وخرجوا نام كما هو مكانه، وأنا جالسةٌ عندَ بابِ القُبةَ فأَقبلت حَيَّة وهو نائم باسطٌ رِجلَهُ، فذهبت الحية لتنهشهُ، فقبض رجله، ثم تحولت من قبل يده لتنهشه، فقبض يده إليه، ثم تحولت من قبل رأسه، فلَما دنت منهُ وهو يغطُّ قعدَ جالساً، فنظر إلى الحية، فَقَالَ: ما هذه يا هند؟ فقلت: ما فَطِنْتُ لها حتى جلستُ، قَالَ: لاَ والله، وذلك كله بمَسْمَع سدوس، فلما سمع الحديث رجع إلى حُجْر فنثر التمر من الكِنَانة بين يديه، وقَالَ: أَتَاكَ المُرْجِفُونَ بأمْرِ غَيْبٍ * عَلَى دَهْشٍ وَجِئْتُكَ بِاليَقِينِ[ص 247] فلما حَدَّثه بحديثِ امرأته مع ابن مَنْدلة عرف أنه قد صَدَقَهُ، فضرب بيده على المُرَار - وهى شجرة مرة إذا أكلت منها الإبل قَلَصَتْ مَشَافِرُها - فأكل منها من الغَضَب فلم يضره فسمته العرب "آكلَ المُرَار" ثم خرج حتى أغار على ابن مَنْدلة، فنذر به ابن مَنْدَلة فوثب على فرسه، ووقف، فَقَالَ له آكل المُرَار: هل لك في المبارزة؟ فآيُّنَا قَتَلَ صاحبه انقاد له جندب المقتول، قَالَ له ابن مندلة: أنْصَفْتَ، وذلك بعين هند، فاختلفا بينهما بطعنتين، فطعنه آكل المُرَار طعنةَ جَنْدَله بها عن فرسه، فوثبت هند إلى ابن مندلة تفديه، وانتزعت الرمح منْ نِحره وخرجت نفسهِ، فظفر أكل المرار بجنده، واستنقَذَ جميعَ ما كَان ذهبَ به منْ ماله ومال أهل بلاَده، وأخذ هنداً فقتلها مكانه، وأنشأ يقول: لِمَنِ النارُ أوقِدَتْ بحَفِيرِ * لَمْ يَنَمْ غَيْرُ مُصْطَلٍ مَقْرُورِ إنَّ مَنْ يأمَنُ النِّسَاء بشيء * بَعْدَ هِنْدٍ لِجَاهِل مَغْرورُ كلُّ أُنْثَى وَ إنْ تَبَيَّنْتَ مِنْهَا * آيةَ الحبِّ حُبُّهَا خَيْتَعُورُ 3701- لاَ يَيْأسَنَّ نائِمٌ أَنْ يَغَنَمَا قَالَ المفضل: بَلَغَنَا أن رَجُلاً كان يسير بإبل له حتى إذا كان بأرضٍ فَلٍّ (الفل - بفتح الفاء وقد تكسر - الأَرض الجدبة، أو التي تمطر ولاَ تنبت، أو التي أخطأها المطر) إذا هو برحل نائم، فأتاه يستجيره، فَقَالَ: آني جائرك من الناس كلهم إلاَ من عامر بن جُوَيْن، فَقَالَ الرجل: نَعَمْ، ومَا عسى أن يكون عامر بن جُوَين وهو رجلٌ واحد؟ وكان هو عامر بن جُوَين، فسار به حتى توسَّط قومه، فأخذ إبله وقَالَ: أنا عامرٌ بن جُوَين وقد أجَرْتُك من الناس كلهم إلاَ مني، فَقَالَ الرجل عند ذلك: لاَ ييأسَنَّ نائم أن يغنما، فذهب مثلاً. 3702- لاَ تَجْزَعَنْ مِنْ سُنَّةٍ أَنْتَ سِرْتَهَا قَالَوا: إن أول من قَالَ ذلك خالدٌ بن أخت أبى ذُؤَيب الهُذَلي، وذلكَ أن أبا ذُؤَيب كان قد نزل في بنى عامر بن صَعْصَعة على رجل يُقَالُ له عبد عمرو بن عامر، فعشقته امرأة عبد عمرو وعَشقها، فَخَبَّبَهَا على زوجها وحَمَلها وهرب بها إلى قومه ،فلما قدم منزلهُ تخوَّفَ أهْلَه فأسَرَّهَا منهم في موضع لاَ يُعلم، وكان يختلف إليها إذا أمكنه، وكان الرسولُ بينها وبينه ابنَ أختٍ له يُقَال له[ص 248] خالد، وكان غلاماً حَدَثاً له منظر وصَباحة فمكثَ بذلك بُرْهَة من دهر، وشَبَّ خالد وأدرك، فعشقته المرأة ودَعَتْه إلى نفسها، فأجابها وَهَوِيها، ثم إنه حَمَلَها من مكانها ذلك فأتى بها مكاناً غيره، وجعل يختلف إليها فيه، ومنع أبا ذؤيب عنها، فأنشأ أبو ذؤيب يقول: [ وَ ] ما حُمِّلَ البختى عامٍ غياره * عليه الوسوق بُرُّهَا وشَعيرها بأعظمِ مما كنت حَمَّلْتُ خالداً * وبعض أماناتُ الرجالِ غرورها فلما تراماه الشبابُ وغيُّه * وفي النفس منه فتنة وفجورها لَوَى رأسه عنا ومال بوُدِّه أغانيجُ خَوْدٍ كان قِدْماً يزورها فلما بلغ ذلك ابنَ أخته خالداً أنشأ يقول: فَهَلْ أنتَ إمَّا أُّمُّ عمروٍ وتبدَّلّتْ * سَوَاكَ خَليلاَ دائبا تَسْتَجِيْرُها فَرَرْتَ بها من عند عَمْرو بن عامر * وهى همها في نفسه وسجيرها فَلاَ تَجْزَ عَنْ مِنْ سُنّةٍ أنْتَ سِرْتَهَا * فأولُ راضٍ سُنّةً مَنْ يَسِيرُها وَلاَ تَكُ كَالثَّوْرِ الذي دفنت له * حديدة حقف دَائباً يَسْتَثِيرُهَا 3703- لاَ يَعْلَمُ ما فِي الخُفِّ إلاَ اللهُ والإسكافُ أصلُه أن إسكافاً رَمى كلباً بخف فيه قَالَب، فأوجعه جداً، فجعل الكلبُ يصيح ويجزع، فَقَالَ له أصحابه من الكلاَب: أكُلُّ هذا من خف؟ فَقَالَ: لاَ يعلم ما في الخف إلاَ اللهُ والإسكاف. يضرب في الأمر يَخْفَى على الناظر فيه علمه وحقيقته. 3704- لاَ تَصْحَبْ مَنْ لاَ يَرَى لَكَ مِنَ الحَقِّ مِثْلَ مَا تَرَى لَه أي لاَ تصاحب مَنْ لاَ يُشَاكلك ولاَ يعتقد حَقَّكَ، يُقَال: فلاَن يَرَى رأي أبي حنيفة، أي يعتقد اعتقاده، وليس من رؤية البصر. 3705- لاَ يَكْسِبُ اَلْحَمْدَ فَتَىً شَحِيحُ يُضربْ في ذَمِّ البُخل 3706- لاَ أَعْرِفَنَّكَ بَعْدَ المُوتِ تَنْدُبنِي وَفِي حَيَاتِي ما زودتني زادي يضرب لمنْ يُضَيع أخاه في حياتهِ ثُمَ بَكاه بعد موته، قَالَه أبو عبيد.[ص 249] *3* 3707- ألْهَفُ مِنْ قَضِيبٍ هَذا رجُلٌ منَ العربِ كانَ تَمَّاراً باليحرينِ وكانَ يأتي تاجراً فيَشتري مِنهُ التمرَ، ولم يكنْ يُعاملُ غَيرهُ، وإن ذلكَ التاجرُ اجتمعَ عِندهُ حَشَف كثيرٌ مِن التمرِ الذي كانَ يبَيعَهُ، فَدَخَل يَوماً ومَعهُ كيسٌ له فيه دَنانير كثيرةٌ، فَطرحهُ بَين ذلكَ الحشَفِ، وأُنْسِيَ رَفْعَة منْ هُناكَ، وأتاه الأَعرَبي كما كانَ يأتيه يشتري مِنهُ التَمرَ، فَقَالَ في نفسه: هذا أعرابي وليسَ يدري ما أعطيه، فلاَ صيرن هذا الحشفَ فيما يبتاعه، فلما ابتاعَ مِنهُ التمر عَدَّ عليه قَوْصَرَّةَ الحشَفِ التي فيها الدَنانير، ومضى قضيب بما اشترى منَ التمرِ، فباع جميعَ ما معه من التمر غير الحشف، فإنه لم يقدر على بيعهِ ولمْ يأخذه منهُ أحدٌ، وتذكر التمار كيسَه، وعلم أنه باع القَوصَرَّةَ غلطاً، فأخذ سكيناً وتبع الأَعرَبي فلحقهُ وقَالَ: إنكَ صديقٌ لي وقد أعطيتكَ تمراً غير جيد فَرُدَّه علي لأعوضك الجيد، فأخرجَ الجِلدة إليه، فنَثَرها وأخرجَ منها دنانيرهُ، وقَالَ للأعرابي: أتدري لم حملتُ هذا السكين معي؟ قَالَ: لاَ، قَالَ: لأشق بها بَطني إن لمْ أجد الدنانير، فَتَنَفَّسَ الأَعرَبي وقَالَ: أرني السكين، ناولنيه، فناوله إياه، فشقَّ به بطن نفسه تلهفاً، فضربت به العربُ المثل فَقَالَوا: ألهف من قضيب، وهو أفعل من لَهِفُ يَلْهَفُ لهفاً، وليس من التلهف؛ لاَن أفعل لاَ ينبني من المنشعبةَ إلاَ شاذاً. وفي هذا الرجل يقول عروة بن حُزام: ألاَ لاَ تَلُومَا لَيْسَ في اللوم رَاحةٌ * فَقَدْ لُمْتُ نَفْسي مِثْلَ لَوْمِ قَضِيب 3708- ألأم مِنْ أسْلَم هو أسلم بن زُرْعة، ومن لؤمه أنه جَبَى أهلَ خراسان حين وليها ما لم يَجْبِهِ أحد قبله، ثم بلغه أن الفُرْسَ كانت تَضَعُ في فم كل مَنْ مات درهما، فأخذ ينبش تربة النواويس ليستخرج ذلك الدرهم، فَقَالَ فيه صهبان الجرمى: تَعَوَّذْ بنَجْمٍ وَاجْعَلِ القَبْرَ في صَفاً * مِنَ الطَّوْدِ لاَ يَنْبِشْ عِظَامَكَ أسْلَمُ هُوَ النابش الموتى المجيلُ عِظَامَهُمْ * ليَنْظُرَ هَلْ تَحْتَ السَّقَائِفِ دِرْهَمُ 3709- ألْزَقُ مِنْ بُرَامٍ، وألْزَقُ مِنَ عَلٍّ. وهما القُرَاد، قَالَ الشاعر:[ص 250] فًصَادَفْنَ ذَا فَتْرةٍ لاَ صِقاً * لُصُوقَ البُرَامِ يَظُنُّ الظُّنُونَا والقَراد يعرض لاَسْتِ الجَمَل فيلزق بها كما يلزق النملُ بالخصاء، وكذلك يُقَال في مثل آخر "[هُوَ] مني مكان القراد من است الجمل" 3710- ألْزَقُ مِنَ الكَشُوثِ هو نَبْت يتعلق بالشجر من غير أن يضرب بعرقٍ في الأَرض، قَالَ الشاعر: هُوَ الكَشُوثُ فَلاَ أصْلٌ ولاَ وَرَقٌ * ولاَ نَسِيمٌ ولاَ ظِلٌّ وَلاَ ثَمَرُ(البيت في اللسان (ك ش ث) على ما أثرناه، ووقع في أصول هذا الكتاب غير مستقيم الوزن.) 3711- أَلْزَقُ من ريشٍ على غِرَاءِ، ومَنْ قَارٍ، ومَنْ دِبْقٍ، ومِنْ حُمىًّ الرَّبْعِ 3712- أَلْزَقُ مِنْ جُعَلٍ، وألْزَق مِنْ قَرَنْبي والقَرَنْبَي: دويبة فوق الخنفاء، وهو والجُعَل يَتبعان الرجلَ إذا أراد الغائط ولذلك يُقَال: في المثل: سَدِكَ به جُعَلُه، قَالَ الشاعر: إذَا أتَيْتُ سُلَيْمَى شَدَّ لِي جُعَلٌ * إنَّ الشَّقِيَّ الَّذِي يُغْرَى بِهِ الجُعَلُ روى أبو الندى: شُبَّ لي، أي أتِيحَ وعني بالجعل الواشي، ويروى شَبَّ - بفتح الشين - أي ارتفع وظهر. يُضرب هذا المثل للرجل إذا لزق به مَنْ يَكرهَهُ فلاَ يزال يهرب منه. وأصل هذا المثل إنما هو مُلاَزمة الجعل لمن بات بالصحراء، وكلما قامَ لغائط تبعه الجعل. وفي القرنبي يقول الشاعر: ولاَ أطْرُقُ الجَارَاتِ بالَّليلِ قَابِعاً * قُبُوعَ القَرْنْبيَ أَخْلَفَتْهُ مَحَاجِرُهْ 3713- أَلْزَمُ مِنْ شَعَرَاتِ القَصِّ لأنها لاَ يمكن أن تُزَال، وذلك أنها كلما حُلِقَتْ نبتت، والمعنى أنه لاَ يفارقك. 3714- أَلْزَمُ للمرء مِنْ ظِلِهِ لأنه لاَ يزال ملاَزمَ صاحبه، ولذلك يُقَال: لَزَمَنِي فلاَن لزومَ ظلي، ولزومَ ذنْبِي، والعامة تقول: ألزم الذنَب بفتح النون. 3715- أَلْزَمُ مِنْ اليَمينِ لِلْشِمالِ، ومَنْ نَبْزِ الَّلقَبِ، وَأَلْزَمُ لِلْمَرْءِ مِنْ إحْدَى طَبَائِعِهِ 3716- أَلْحُّ مِنَ الحُمىَّ، وَمَنَ الخُنْفسَاءِ، ومَنَ الذُّبَابِ، ومَنِ كَلْبٍ لأن الكلب يُلُحُّ بالهرير على الناس. [ص 251] 3717- أَلِينُ مِنَ الزُّبْدِ، ومَنْ خِرْنِقٍ الخِرْنقُ: ولد الأرنب. 3718- أَلِينُ مِن خَمِيرَةٍ مُمَرَّنَةٍ تروى هذه اللفظة بالحاء والخاء، فأما الحاء فمن الحمر، يُقَال حَمَرْتُ السير أحْمُرُهُ - بالضم - إذا سَحَوْتَ قِشره، ويُقَال لذلك السير: الحَمِير والحَمِيرَة، وهو سير أبيض مقشور الظاهر، يؤكد به السروج، ويَسْهُل به الخَرزُ لِلْينِه، ويُقَال له "الأشْكُزُّ" أيضا، والتمرين: التلين، وأما الخاء فمن الخَمِير، والخُمْرَة: ما يجعل في العجين من الخَمِيرة. قُلتُ: وهذا الحرف كان مهملاَ في كتابِ حمزة رحمه الله، وكان يحتاج إلى تفسير وشرح ففعلتُ حينئذٍ، 3719- أَلأم مِنَ ابْنِ قَرْصَعٍ وروى البيارى "قَوْصَع" وكذلك في النسخة الأخيرة من هذا الكِتاب، وفي تكملة الخارزنجي "قرصع: رجل من أهل اليمن، كان متعالما باللؤم" 3720- أَلأم مِنْ جَدْرَةَ، وأَلأم مِنْ ضَبَارةَ زعم ابن بحر في كتابه الموسم بكتاب "أطْعِمَة العرب" أن هذين الرجلين - يعنى جَذْرَةَ وضَبَارةَ - أَلأم مَنْ ضَرَبت العربُ به المثل، قَالَ: وسأل بعضُ ملوكِ العرب عن أّلأم مَنْ في العرب ليمثِّلَ به، فدلَّ على جَدْرة - وهو رجل من بني الحارث بن عدي بن جُندب بن العَنْبر، ومنزلُهم بماوية - وعلى ضَبَارة، فجاؤه بجدرة فجدع أنفه وفر ضبارة لما رأى أن نظيره لقيَ ما لقيَ فَقَالَوا في المثل: نَجَا ضَبَارة لما جُدِعَ جَذْرَة. 3721- أَلأم مِنْ رَاضِعِ اللَّبَنِ هو رجل من العرب كان يَرْضَع اللبنَ من حَلَمة شَاتِهِ، ولاَ يحِلُبها، مخافَةَ أن يُسْمَع وَقْعُ الحَلَبِ في الإناء فيُطْلَبَ منه، فمن ههنا قَالَوا: لئيم راضع، قَالَ رجل يصف ابنَ عم له بالبعد من الإنسانية والمبالغة في التوحُّش والإفراط في البخل: أحبُّ شيء إليه أنْ يَكُونَ له * حُلْقُومُ وَادٍ له في جَوْفِهِ غَارُ لاَ تَعْرِفُ الريحُ مُمِسَاهُ وَمُصْبَحَهُ * وَلاَ تُشَبُّ إذا أَمْسَى لَهُ نَارُ لاَ يَحْلُبُ الضَّرْعَ لؤماً فِي الإناءِ وَلاَ * يُرَى له فِي نَوَاحِي الصَّحْنِ آثَارُ
|